الأربعاء، 9 أغسطس 2017

الزمن في التحليل البنيوي للدراسات السردية

الزمن في التحليل البنيوي للدراسات السردية

حظي الزمن في الدراسات السردية بحصة الأسد من الاهتمام والمقاربة، حيث أنه كما يقول جيرار جينيت من شبه المستحيل عدم موقعة الفعل السردي في الزمن كما يؤكد حسن بحراوي في كتابه بنية الشكل الروائي (لا سرد بدون زمن إنه لمن المتعذر علينا أن نجد سردا خال من الزمن) ولما كان الانر كذلك فقد عني الشكلانيون الروس بالزمن واكثروا من حوله المقاربات، ويعتبر توماشفسكي أبرز من اهتم بهذا الموضوع وتوصل للفصل بين ثنائية (المتن الحكائي/ المبنى الحكائي) حيث المتن هو الحكاية كما يفترض انها حدثت في الواقع) أما المبنى الحكائي هو التحلي الكتابي لعناصر المتن. بالإضافة إلى أن مبدأ السببية وكرونولوجيا الزمن هو ما يربط المتن الحكائي ببعضياته في حين نجد المبنى يجمع بين حوافز الداخلية دون ادنى اعتبار لا لسببية ولا للتراتبية.
وعطفا على منجزات توماشفسكي فرق تزفيتان تودروف بين ثنائية (القصة /الخطاب) فكان القصة عنده من حيث هي أحداث وقعت لشخصيات تتماثل مع الشخصيات الحقيقية، لكل العمل الأدبي في نفس الوقت خطاب حيث نجد راو ينهض بوظيفة الحكي يقابله قارئ يتلقاها. لكن تودروف خص الخطاب بوظيفة الأدبية بينما تتجلى في القصة وظيفة التجلي.ولكن الشكلانيين الروس ميزوا القصة عن الخطاب انطلاقا من ميزة التحريفات الزمنية التي تتوافر حصرا في الخطاب. في حين فرق جينيت بين القصة _وهي مجموع الوقائع المحكية والخطاب _كل خطاب شفوي أو مكتوب يحكي الوقائع_ والسرد _وهو حدث الحكي في حد ذاته_. بينما ميز جيرار جينيت بين 3مكونات لكل خطاب سردي وهي على التوالي القصة_مجموع الوقائع المحكية، الخطاب _ويقصد به كل خطاب شفوي كان او مكتوب يحكي الوقائع_ وثالثا السرد أي حدث الحكي في حد ذاته.
بعد هذا اتجه الحديث نحو المفارقات السردية ويقصد بها مختلف أشكال الانقطاعات بين نظام القص ونظام الخطاب وقد اقترح لها جينيت 3 محاور للدراسة:
تحدث في المحور الأول عن النظام أي أنه قارن بين نظام ترتيب الأحداث في القصة ونظام موقع الأحداث في الخطاب وقسمه آلى قسمين السوابق وهي كل عملية سردية تقتضي التذكير المسبق بحدث لاحق وعكسها اللواحق أو الاسترجاع وهي كل تذكر لاحق لحدث سابق عن النقطة الزمنية التي بلغها السرد. والسوابق واللواحق نوعان داخلية مضمنة داخل إطار الحدث وأخرى خارجية، كما توجد أخرى متممة أي أنها تسد ثغرات النص وأخرى تكرارية تضاعف أحداث النص.
تلا هذا المحور محور ثان وهو محور التواتر أي التكرار بين النص والحكاية وقسمها جينيت إلى 4 أنماط:
أن يحكى مرة واحدة ما حدث مرة واحدة ويسمى السرد الافرادي كما يوجد سرد أخر يتشارك مع هذا النوع في الاسم وهو حينما يتم تكرار ذكر ما حدث عدة مرات عدة مرات أيضا، أما النوع الثالث فهو أن يكرر ما حدث مرة واحدة عدة مرات ويسمى بالسرد التكراري، أما النوع الرابع والأخير فهو السرد المؤلف حين يروي الراوي ما حدث عدة مرات مرة واحدة.
أما المحور الأخير وهو محور الديمومة فهو العلاقة بين طول مدة القصة بالدقائق الثواني والساعات... وطول النص من حيث الأسطر والصفحات .... ووفقا لذلك تم الوقوف على عدة أنواع:
الخلاصة: حين يكون زمن القصة أكبر من زمن الخطاب.
الحذف: حين يسقط الخطاب عمدا فترة من زمن القصة، وقد يكون هذا الحذف محددا أو غير محدد، كما أنه قد يكون صريحا أو غير مصرح به.
الوقفة الوصفية: يحاول جينيت أن يبرهن على أهمية الوصف فيجعله مقابلا للسرد وهو دوما يؤكد على أهمية الوصف من خلال تأكيده على أن الأشياء قد تكون بدون حركة لكن الحركة لا تكون بدون أشياء. ومن خلال الوصف تستحيل حركة النص إلى سكون ورتابة أنها وقفات تعطيلية حيث زمن القصة يقارب الصفر بينما يمضي زمن الخطاب لا يلوي على شيء!
وقد اجمل جينيت وظائف السرد في وظيفيتين اثنتين الأولى تزيينية أو ديكورية بحتة يمثل لها جينيت بإلياذة هوميروس، بينما الوقفة الثانية تفسيرية تتشارك والسرد في البوح بما يبغيه الراوي والمثال مثالي لجينيت لهذا النوع هو كتابات بالزاك خاص في روايته الشهيرة في البحث عن الزمن الضائع.