السرديات
والتحليل السردي: سعيد يقطين،-الشكل والدلالة-، المركز الثقافي العربي، الطبعة
الاولى، 2012،
1 السرديات:
المشروع والأفاق
لتطوير وعينا
بالسرديات وجب ما يلي:
1. علمنة السرديات الإقرار بعلمية السرديات على المستوى النظري والتطبيقي أي
الوعي والممارسة.
2. تعميق المعرفة السردية: من خلال الإطلاع على المعرفة والاجتهادات السردية،
وإدراك الفروقات بين مختلف المشتغلين بها، وكذا مواكبة تياراتها ومقاصدها، (امتلاك
رؤية ابستمولوجية دقيقة بالسرديات)
ولتحقيق
العمق المعرفي توجب: تجنب السطحية والتمييز بين الاجتهادات والاسهام في تطوير
السرديات.
كانت مرحلة
التأسيس مع جيرار جينيت الذي وضع الأسس الضرورية لانطلاق المشروع السردي أما
التطوير فاختار له سعيد يقطين نموذجين: "ميك بال وجاب لينتفلت"
وللكتاب
غرضين: الغاية القريبة: تقديم معرفة بالنظريات السردية للقارئ –وإن كان غير متتبع-
الغاية
البعيدة: الإمساك بالرؤية العامة التي تتحكم في السرديين وهم يطورون السرديات.
الفصل الأول:
السرديات والنقد السردي
لو رصدنا
المنجز السردي العربي وهو يعلن انتماءه –صراحة أو ضمنا- للسرديات، لألفينا أنفسنا
على مستوى السطح وهذا يعود لتعاملنا مع السرديات على مستوى الوعي والممارسة، وكل
ذلك يعود لطبيعة تصورنا للدرس الأدبي الذي يتسم بالعتاقة. حيث تعود جذوره إلى
السؤال المكرر دائما: هل النقد الأدبي فن أو علم؟ كان الجواب النظري فن وعلم في
الآن ذاته. لكن الجواب الحقيقي النقد الفني ويستحيل أن يكون علما.
كان هذا
التصور مبررا إلى غاية ثمانينات القرن الماضي، لأن العرب كانوا يسيرون في فلك ما
تنجزه الكتابات النقدية الغربية لكن وبانتقال البنيوية إلى العالم العربي –علمنة
الأدب- شكل منعرجا لكنها للأسف وصلت إلينا منزوعة النزوع العلمي.
انقسمت
البنيوية في العلم العربي إلى:
أ.
التقليدي: الرفض لأنها –حسبهم- حولت النقد
الأدبي إلى خطاطات. وقيل أنها قتلت الإنسان والتاريخ والأدب.
ب. الحداثي: نهلوا من مفاهيم البنيوية لكنهم أبقوا على التصور التقليدي فن/
علم ودليل ذلك أنهم طالبوا بما بعد البنيوية كما فعلت الكتابة الأنجلو أمريكية رغم
أنهم لم يتمثلوا البنيوية بعد. حيث فهمنا البنيوية في ضوء تصورنا للنقد الأدبي
فاعتبارناها: فنا وعلما لكننا في الحقيقة أضعنا العلم وفرطنا في الفن، فجاءت
بنيويتنا عرجاء كسيحة وهو ما يبرر الانتقال لما بعد البنيوية، وكان مبلغ علم دروس
الجامعة مراكمة المعلومات وتنسيقها دون هم نظري أو منهجي وحين تكون القضايا
المتناقضة نعمد إلى التوفيق بينها في موقف وسطي متوهمين أننا بذلك أخذنا بأحسن ما
فيها.
السرديات أهم المنجزات التي حققها الدرس الأدبي لكننا
تبنيناها دون هم منهجي أو هاجس علمي فجاءت نقدا سرديا أكثر من كونها علما سرديا.
السرديات: علما للسرد
سنبحث في العلم والموضوع الخلفية والمقاصد:
العلم:
ولتحقيقه وجب
توفر 4 مقومات: الاسم الزمن الموقع والوسيط
أ.
الاسم: تحديد الاسم بدقة دفعا لأي التباس،
وحصل تذبذب في البداية قبل أن يستقر الأمر أخيرا مع تودروف في 1967, فصار السرديات
NARRATOLOGIE
ب. الموقع: له موقع خاص ضمن باقي الاختصاصات القريبة، وفق علاقات النسب (هو في
ذاته علما كليا تنضوي تحته علوم أخرى) أو
التجاور (انتماؤه لعلم كلي ينضوي تحته.) وانتمت السرديات في البداية إلى
البويطيقيا poétique
ت. الزمن: ما قبل السرديات وما بعدها، حيث يمكن اعتبار 1972 وبالتحديد تاريخ
صدور كتاب جيرار جينيت "خطاب الحكاية" وبالضبط مقاله: "مقال في
المنهج' وهو تاريخ ميلاد السرديات.
تعود الجذور القريبة للسرديات للشكلانيين الروس بينما
تمتد الجذور البعيدة لبويطيقيا أفلاطون وأرسطو شراحهما ولأن العمل العلمي ليس من
أهدافه أن يتشكل في لحظة ما استجابة لظروف طارئة، وإنما هو مشروع بعيد المدى وعليه
فقد عملت السرديات على تحديد مجال بحثها وتوسيعها، لذا فقد حققت:
./ الانفتاح: بعدما كانت راويا ومرويا انفتحت على علوم
أخرى كاللسانيات وعلم الاجتماع والنفس.
./ التعدد: تجاوزت السرديات علاقاتها مع البلاغة
واللسانيات فقط، حيث انفتحت على علوم أخرى.
أي أنه تم الانتقال من الخاص إلى العام حيث اهتمت في
بدايتها بالسرد في الأدب ثم اتسعت لتشمل السرد في الصورة والحركة...
ث. الوسيط: أي الاطار العام لمناقشة ونشر الأفكار السردية. وكانت مجلة
بويطيقيا التي تأسست 1970 مع جيرار جينيت وتزفيتان تودوروف، بالإضافة لكتب منشورات
عتبة seuil، ويمكن
التأريخ ومعرفة المستجدات السردية من هاذين المصدرين، حيث يعكس: نوع المقالات
ونوعية الكتب" تطور السرديات.
الموضوع:
اقترح الشكلانيون الأدبية موضوعا للبويطيقا الجديدة، من
حيث هي الخاصية التي تجعل من عمل ما عملا أدبيا. وهذا الجواب يفتح الباب على كثير
الأسئلة، لأن العلم لا يقف عند حدود المنجز والمتحقق، وإنما ينشد المحتمل والممكن
الإنجاز، ثم جعل السرديون موضوعهم "السردية" narrativité قياسا على الأدبية فإذا بنا
ننتقل من العام إلى الخاص.
السردية متنوعة بتنوع المشتغلين بها، وهطا التنوع يخدم
مجال البحث ويطوره.
Sujet_ fabula المتن والمبنى الحكائي/ تر
إبراهيم الخطيب، جيرار جينيت: القصة/الحكي/ السرد، تزفيتان تودوروف القصة/ الخطاب،
ميك بال: الحي/ القصة/ النص السردي، ريمون كينان: القصة/ النص/ السرد.
إن الاختلاف في مكونات ومراتب موضوع السرديات دليل عافية
لا مرض، حيث يؤدي إلى تحاور السرديين ونقاشاتهم وهو ما يفتح باب إخصاب النظريات
وتطورها، لأن السرديات تغتني بتعدد النصوص السردية واختلاف الخلفيات والمقاصد
للمشتغلين بها.
الخلفيات والمقاصد:
مفاهيم
أساسية لدى جينيت:
_ الجنس، الخطاب، النص:
1. الخطاب:
جملة كبرى،
وبذلك ينقل جينيت مقتضيات تحليل الجملة إلى الخطاب الذي سيتحدد من خلال : الزمن
الصوت والصيغة، بتوظيف مصطلحات بلاغية ويويطيقية بدلالات جديدة وتحقق كل هذا بصورة
جلية في كتابه: خطاب الحكاية 1972.
2. الجنس:
في كتابه: جامع النص، يتحدث عن نظرية الأجناس الأدبية
حيث قدم رؤية جديدة، مميزا بين:
الصيغ- الأنماط- الأجناس
الموضوع-
الصيغة- الشكل
كما ربط في أخر الكتاب بين الأجناس والنص. حيث فصل في
علاقة كل نص مع غيره من النصوص الأخرى "المتعاليات النصية" وذكر هذا في
كتابه "ألواح" على ترجمة سعيد يقطين. وجعل جينيت البويطيقيا ليست فقط
دراسة لـ"خصائص الخطاب الأدبي" وإنما لمعمارية النص ككل.
3. النص: لم يفرق جينيت بين الخطاب والنص كغيره، في بدايته عندما كان يؤسس
للسرديات انطلاقا من تحليله لرواية "في البحث عن الزمن الضائع" لبروست
وإنما انتظر إلى غاية ظهور "التناص" باعتباره تحولا جذريا في مفهوم النص
حيث غير موضوع البويطيقيا من معمارية النص إلى المتعاليات النصية.
لقد قام مشروع جينيت على تصور شمولي مفاده: لا يمكن
تحليل الخطاب السردي دون رؤية عامة للأجناس الأدبية. كما لا يمكن فهم الأجناس
الأدبية دون المرور على العلاقات المتعددة للنصوص المختلفة.
جينيت العالم الذي يفكر في موضوعه الخاص في صلته
بالموضوعات القريبة، وهو يعالجها جميعا من منظور سردي بلاغي بويطيقي.
السرديات والتحليل السردي:
فرق جينيت بين القصةHistoire والحكي récit والسرد narration حيث:
القصة: المدلول أو المحتوى الحكائي. وتتصل بالمادة.
الحكي: الدال أو الخطاب أو النص أو الملفوظ، يتصل
بالجنس.
السرد: الفعل السردي المنتج. يتصل بالنوع.
إن الموضوع السردي عند جينيت هو الخطاب في علاقته
بالقصة، لذلك لم يعن بالقصة في ذاتها واكتفى بالنظر إليها من خلال تحققها بواسطة
الخطاب. وعليه فإن حدود الخطاب السردي تتحدد بين الراوي والمروي له، حيث لم يهتم
لا بالمؤلف ولا بالقارئ .
لما كانت الجملة عند اللسانين أعلى وحدة يهتمون بها فقد
نظر جينيت للخطاب على اعتباره جملة كبيرة تتكون من جمل عدة لتكوين بنية تلفظية لها
مقوماتها النحوية والدلالية. واستعار جينيت من اللسانين مقولاتهم وركز على: الزمن
الصوت والصيغة ونظر لكل منهم في ضوء علاقة القصة بالخطاب والسرد.
1. الزمن:
أ.
الترتيب: { استباق- استرجاع} ولكل منهما (سعة
ومدى)
ب. المدة: { التلخيص، الوقفة، الحذف، المشهد}
ت. التواتر: { الانفرادي، التكراري، التكراري المتشابه}
2. الصيغة:
أ.
المسافة: { خطاب الأفعال، خطاب الأقوال.}
ب. المنظور: { التبئير الصفر، التبيئير الداخلي، التبئير الخارجي}
3. الصوت:
أ.
المقام السردي: { خارج حكائي، داخل حكائي،
ميتا حكائي}
ب. زمن السرد: {سابق، لاحق، متواقت، مختلط}
ت. المستوى السردي: {براني الحكي، جواني الحكي، ذاتي الحكي.}
كون جيرار جينيت رؤية متكاملة للسرد تتكون من:
المقولات الكبرى: كأسئلة الزمن والصيغة وموقع الراوي، لا
يمكن لأي عمل سردي أن يخلو من هذه المقولات وإلا انتفى انتماؤه للسرد.
المقولات الصغرى (العناصر): هي أجزاء من المقولات الكبرى
وتحضر في الأعمال السردية بصور متفاوتة باختلاف الأنواع السردية. وهي متحولة غير
ثابتةـ ومثالها: المسافة والمنظور وسرعة السرد وتوتتره.
المكونات: وهي العناصر المتغيرة داخل النوع السردي
الواحد بتغيير وعي الكتاب، كتغيير إيقاع السرد من حيث السرعة أو التواتر أو هيمنة
صيغ معينة... حيث تخضع لأبعاد جمالية.
ميك بال السرديات والدلالة
اهتم هو الآخر بنظرية التبئير وطورها، وهي النظرية التي جاء بها جيرار جينيت
ووضع أسسها في ضوء ما أنجزه الدارسون قبله حول: وجهة النظر والمنظور والرؤية...
ميك بال Maria bal
1946-.... ، تعتبر من الجيل الثاني الذي عمل على تطوير السرديات من خلال مزاوجتها
بين النظرية والتطبيق، كما أنها كانت متعددة الاهتمامات (الأدب الفرنسي
والانجليزي، الثقافة الشعبية، الفن، الكتاب المقدس، الأعمال اللغوية في الفنون
البصرية...) إلا أنها عمدت إلى تسخير كل هذه التخصصات لخدمة السرديات، حيث كانت
تؤمن بتداخل الاختصاصات، وسنخص هنا بالحديث الجانب السردي من أبحاثها.
يمكن التمييز بين مرحلتين في تحليلها للسرد:
1. المرحلة الأولى: أصدرت فيها كتابها: السرديات: "مقالات حول الدلالة
السردية من خلال أربع روايات." حيث طورت فيها نظرية التبئير لدى جيرار جينات.
والملاحظ وجود عديد نقاط الائتلاف، بين ميك بال وجيرار
جينيت وهو ما أوحى لبعض الباحثين بالبعد البنيوي في اشتغالها السردي. كما نلفي
نقاط اختلاف نعه مما جعل باحثين أخرين يعتبرونه بداية لسرديات ما بعد الكلاسيكية.
بدأت ميك بال بالسيميائيات العامة –على اعتبارها هي
التخصص العام- حيث تدرس العلامات اللغوية وغير اللغوية، ثم انطلقت للنصيات التي
منها اتجهت للسرديات التي أرادت فتحها على ما هو أدبي وغير أدبي –سرديات عامة
وسرديات خاصة.- أما جيرار جينيت فقد انطلق من البويطيقيا والبلاغة ثم وصل للسرديات
لكنه حصرها في السرديات الخاصة فقط وهي التي لا تهتم إلا بالسرد الأدبي.
تعتبر ميك بال موضوع السرديات هو السردية وتنهض على 3
مفاهيم مركزية:
النص – الحكي – القصة على عكس جينيت الذي يقسم العمل
الأدبي لـ قصةـ خطاب.
مفاهيم ميك بال:
السرديات: narratologie
هي العلم الذي يبحث في صياغة نظرية للنصوص السردية من خلال الاهتمام بسرديتها narrativité.
النص texte
مجموعة عناصر منتهية ومبنينة بواسطة علامات لسانية.
النص السردي: نص تضطلع فيه ذات بحكي قصة.
الحكي: حكي قصة يستدعي إناج جمل تدل عليه.
السرد: الفعل التلفظي.
الحكي: هو المدلول في النص السردي، والحكي يدل بدوره على
القصة.
القصة: متتالية الأحداث تترابط فيما بينها منطقيا، وهي
نتاج الفاعلين الذين يمكنهم أن يتأثروا بها أيضا.
الحدث: هو الانتقال من حالة إلى أخرى، وكل تحول مهما كان
صغيرا يشكل حدثا.
الفاعلون: هي الذوات التي تقوم بالفعل، ولا تقتصر على
البشر فقط، وما تضطلع به هو "الأفعال" سوتء أثر فيها هؤلاء الفاعلون أو
تأثروا بها.
الأحداث: تترابط الأحداث فيما بينها بواسطة علاقات
زمنية، تتحدد بواسطة التتابع.
التتابع: هو تسلسل وقوع الأحداث في الزمن.
المدة: الكمية الزمنية التي يُفترض أن يحتلها حدث من
الأحداث وتتحدد مبدئيا كليا ونسبيا بمدة غيرها من الأحداث.
الموقع: أي موقع الأحداث في الفضاء.
القصة: هي مجموع عناصر، منها: الأحداث في تتابعها،
الموقع، العلاقات بين الفاعلين...
عناصر القصة: وحدات تشكل القصة: أحداث- فاعلون- مواقع-
مدة زمنية.
الربط أو التركيب: ربط فعل بفاعل أو عدة فاعلين أو فضاء
أو مدة زمنية مما يشكل وحدة صغرى للقصة، وهي ضرورية جدا.
السردية: الكيفية التي بواسطتها يمكن فك شفرته باعتباره
نصا، إنها تتحدد بواسطة العلاقات بين النص السردي والحكي والقصة، ومن هنا جاء
تحديدها السرديات هي العلم الذي يبحث في صياغة نظرية العلاقات بين النص السردي
والحكي والقصة معًا.
بعدما قسمت ميك بال النص إلى قصة-حكي- خطاب،
بعد قراءة متأنية ونقدية لاقتراحات عديد الدارسين كبارت وجينيت، انطلقت بعدها في
اتجاهين متعارضين من القصة إلى النص، ومن النص إلى القصة، بناءً على تساؤل مزدوج:
كيف تتحول القصة إلى نص سردي، وكيف يصبح النص قصةً؟
وتحول القصة إلى نص يتعلق بالمادة الحكائية كما زعم ذلك
من قبل البنيويون، حيث يقترحون أنساق خاصة لتوليد النص السردي.
أما السؤال الثاني فيتصل بالمقاربة السيميائية لأنه لا
يتعلق بتشكل القصة ولكن بالدلالة الحكائية التي تتكون من نظام دلالي لأن النص يتخذ
وضعا سيميائيا خاصا.
إن السؤال الأول متعلق أساسا بالمرسِل أما السؤال الثاني
فبالمتلقي.
كما تنطلق بال من الأجناس الأدبية الأرسطية "سردي- درامي-
غنائي" بناء على المتكلم والدلالة والمدلولات. وتؤكد على أن هذه الأجناس وإن
كانت بينها حدود ومتفرقات إلا أن لها عديد السمات المشتركة، بالإضافة لوجود
السردية في النص الدرامي والغنائي، فضلا عن النصوص السردية.
لأجل ذلك فتحت السرديات على كل المتون الأدبية ودعت لأن
ينطلق السرد من نظرية الأجناس الأدبية.
وحتى تتنصل من مشكلة الاختصاصات اقترحت علما عاما سمته
بالنصيات textologie
يندرج ضمن السيميائيات، يهتم فقط بالنصوص التي "تعتمد اللغة أساسًا للتواصل
ويكون علم الأدب فرعًا منه، للبحث عن الأدبية في النصوص الأدبية.
وبما أن السرديات (وموضوعها السردية) تتحقق من خلال
أجناس متعددة، فإنها ستنقسم إلى سرديات عامة، وهي فرع من النصيات وسرديات خاصة وهي
فرع من علم الأدب.
بعد أن ضبطت هذا النسق العلمي المتكامل انبرت للتحليل
بعدها (أربع روايات).
المرحلة الثانية:
كتابها "السرديات مدخل إلى نظرية الحكي 1985 ثم ط2
1997.
في هذا الكتاب:
انفتحت ميك بال على اختصاصات غير سيميائية متعددة،
كالتحليل الثقافي والنظرية النسوية والفنون البصرية.
الاهتمام بالدلالة والتأويل.
تداخل السرديات عندها مع اختصاصات أخرى خاصة بعد
التسعينات. إن ميك بال تشكل امتدادا للسرديات وتطويرا لها.
لقد غيرت في كتابها هذا الحكي بإدراج الفابولا محله،
"نص- قصة- فابولا، كما طورت نظرية التبئير حيث فتحتها على التحليل الصوري.
تركيب:
انطلقت ميك بال من خلفية معرفية محددة، ثم حددت اختصاص
محدد –السرديات- ثم يتم توسيعه بالتفاعل مع اختصاصات أخرى.
جاب لينتفلت والأنماط السردية
إن السرديات بحكم حدودها تنقسم لقسمين حصري – يقف عند
حدود المظهر اللفظي رائده جيرار جينيت- وتوسيعي – حيث حاول عديد الباحثين توسيع
مجال السرديات جاب لينتفلت أنموذجا- الذي كتب " مقال في الصنافة
السردية" أين حاول تقديم نظرية متكاملة لتحليل الخطاب السردي، وإن كان ينطلق
من مكون رمزي هو "وجهة النظر".
ينطلق لينتفلت من البويطيقيا كاختصاص جديد
لدراسة الخطاب الأدبي، لأن هذه الأخيرة تقدم نموذجا نظريا مجردا للأشكال السردية
المفترضة. وهذه الصنافة تصلح كذلك باعتبارها منهجا نقديا، وتبنى لينفلت البوبطيقيا
لاقتناعه بضرورة توسيع مجال التواصل على البعد التداولي.
مفاهيم جنسية أساسية:
النص – الحكي – القصة.
على عكس جينيت الذي منح الخطاب الأولوية
القصوى، منح جاب لينتفلت النص الأولوية.
السرد: هو الفعل السردي المنتج للعمل الذي ينتمي
إلى جنس السرد.
الحكي: هو النص السردي الذي لا يتكون فقط من الخطاب
السردي، أي الذي يتم من خلال الراوي، ولكنه أيضا الأقوال التي تتلفظ بها الشخصيات.
القصة: وهي المادة الحكائية أو العالم المسرود –من خلال
خطاب الراوي- أو المذكور –من خلال خطاب الشخصيات-.
الصنافة السردية:
انطلق من خطاطة تواصل جاكوبسون، ثم خطاطة وولف شيميت، ثم
جاء في خطاطته بترهينات جديدة، توزعت بين المجرد (الكتب المجرد والقارئ المجرد)
والملموس (الكاتب الملموس والقارئ الملموس).
السرديات في التجربة العربية
علينا أن نبحث عما يميز الأدب عن غيره من الخطابات، وما
يميزه نجده في طبيعته وليس في وظيفته، لأنه في هذه الأخيرة يلتقي مع خطابات أخرى.
لذا وجب علينا أن نفهم الطبيعة ومنها نصل للوظيفة.
دعا البنيويون الروس إلى ميلاد علم خاص بالأدب، ما دامت
العلوم التي يشتغل بها دارسو الأدب لا علاقة صميمية لها بالأدب.
مازال النقد العربي ينظر للنقد على اعتباره
"انطباعا" ويكفي أن يصاغ بلغة جميلة وآسرة حتى نسميه نقدا حقيقيا.
إننا مطالبون بالفهم قبل التفسير، وعلى الفهم أن يتأسس
على قاعدة الانطلاق من النص وليس من معرفتنا العامة والجاهزة عنه. ثم تليها مرحلة
التفسير.
يسمح لنا التخصص المحدد بمحاصرة الموضوع، والتطور في
معالجته تدريجيا.
إن تطور الدرس الأدبي العربي رهين الأخذ بالمنظور العلمي
في معالجة النص الأدبي.
لتقديم إضافة نوعية وجب على المشتغل بالنقد الأدبي أن
يمتلك رؤية واضحة لموضوع درسه، وكذا موقف محدد من القضايا الإنسانية والأدبية
الكبرى ومشروع ملموس قابل للتحقيق والتطور.
مفاهيم أساسية عند سعيد يقطين:
القصة: -المادة الحكائية- تتصل بالمستوى الصرفي، من خلال
علاقة الفواعل –الشخصيات- بالأفعال –الأحداث-.
الخطاب: -طريقة تقديم المادة الحكائية-، المستوى النحوي،
من خلال علاقة الفاعل –الراوي والمروي له- بالفعل –السرد-
النص: -إنتاج النص- المستوى الدلالي، من خلال علاقة
الفاعل (الروائي- المتلقي) بالنص –الكتابة-.
ولكل مفهوم موضوع بحث محدد:
القصة>> الحكائية>> سردية القصة.
الخطاب>> السردية>> سردية الخطاب.
النص>>النصية>> سرديات النص.
ثم بعد هذا قسم سعيد يقطين وفرق بين:
الجنس: مرتبط بالقصة –المادة الحكائية- بمقتضاه نحدد
جنسية الكلام.
النوع: صلته بالخطاب لأن طريقة التقديم هي التي تعين
الأنواع السردية وتجعلها متميزة عن بعضها البعض.
النمط: مرتبط بالنص لأنه يتيح إمكانية معاينة موضوعات
النص وتيماته والأبعاد الدلالية المختلفة.
انتقال النطريات السردية
المشاكل والعوائق
هنا سيتم الحديث عن طرق نشأة وانتقال النظريات بين
أوروبا وأمريكا من جهةن ثم كيف انتقلت هذه النظريات إلى العالم العربي ومدى تمثله
لها.
بداية، ما هي النظرية؟
حتى نسمي وجهة نظر ما نظرية، وجب توفر مايلي:
السياق: أي أنها تتشكل ضمن سياق يحدد الشروط العامة لتشكلها،
ويوفر لها إمكانية التطور وفق مستلزمات مناسبة.
الانتظام الذاتي: البعد النسقي الذي يحدد لها مجموعة من القواعد والمبادئ
التي تتأطر في نطاقها. حتى تجسد خصوصيتها وتحدد الإشكالات المركزية التي تنطلق
منها وتحدد أفاقها.
التفاعل والدينامية: السياق والانتظام الذاتي وتعدد النظريات
يفتحون باب علاقات التشابه والاختلاف مع نظريات أخرى، "مما يسمح للنظرية
بتحقيق التفاعل مع غيرها بشتى الطرق الممكنة، ووفق منظور دينامي يتيح لها إمكانات
التطور أو المساهمة في بلورة نظريات جديدة، متفرعة أو تمد النظريات الأخرى
باحتمالات جديدة ومنفتحة." ص 149
ترجم تودوروف أعمال الشكلانيين الروس، وترجمت جوليا
كرستيفا أعمال باختين، وترجم غريماس أعمال بروب.
جاء غريماس –ليتوانيا- وكريستيفا وتودروف من –بلغاريا-
وغولدمان –رومانيا- إلى باريس والتقوا بالفرنسيين جيرار جينيت ورولان بارت وكلود
ليفي شتراوس، فبلغت العطاء اللساني أوجه.
مشاكل انتقال النظريات السردية للعالم العربي:
1. التعدد اللغوي: يتعدد المصطلح الواحد أثناء ترجمته إلى العربية بتعدد
البلاد المترجم لها وأحيانا بتعدد المترجمين.
2. التعدد المرجعي: المترجمون كانوت ينظرون لكل المنجزات السردية، وكأنها شيء
واحد غير متعدد ولا متنوع. وعدم إدراك التعدد المرجعي ساهم في مضاعفة المشاكل
النظرية والمعرفية، وما يتولد عنها من مشاكل اصطلاحية ومفهومية.
3. التحليل والتطبيق:
يمكن إجمال المشاكل الناجمة عن نقل النظريات السردية في
غياب التواصل والتفاعل، سواء بين المشتغلين في السرد أو بينهم وبين القراء،
فالتعدد اللغوي مظهر سلبي لا يعكس إلا طريقة تبسيطية في التعامل مع النظريات، كما
أن إرجاع النظريات إلى شيء واحد منسجم لا يبرهن إلا على طريقة اختزالية في التعامل
مع المعرفة التي لا ننتجها، ويمكن إرجاع كل ما سبق إلى عدم الإيمان بالعلم في مجال
دراسة الأدب.
يمكن التمييز
بين السرديات وسيميوطيقيا الحكي، ويمثل الأول جيرار جينيت فيما يمثل الثاني
غريماس.
1. سيميوطيقيا السرد:
موضوعهم "المحتوى الحكائي"، والعلامة عندهم
كما حددها يلمسليف للعلامة اللسانية، والعلامة الحكائية تتكون من دال
"التعبير" ومدلول "المحتوى"، وهو ما يركزون عليه، وعن ذلك
يقول شميدت "أن مهمتهم الأساسية تحليل المحتوى بصفة عامة". لأن المحتوى
هو ما تشترك فيه مختلف الخطابات التي تقوم على الحكي.
المحتوى أو المادة الحكائية أو الفابيولا إذن هي مدار
البحث وهدف الدراسة.
2. السرديات والسرد:
إذا كان السيميائيون يهتمون بالحكي والمحتوى فالسرديون
يهتمون بالسردية والتعبير أو الخطاب، وعن هذا يقول جيرار جينيت "إن الخاصية
الأساسية للسرد توجد في الصيغة وليس في المحتوى".
يتحقق الإبداع السردي إذا توفر:
1. جمالية المصطلح المقترح.- أي يسير النطق، موجزًا...
2. طواعية المصطلح وارتباطه اللغة العربية.
3. أصالة المصطلح وعروبته. ص 190
لقد صار للسرديات رغم عمرها القصير تاريخ يتشكل من:
أ.
مرحلة التأسيس: من الستينات إلى الثمانينات،
المرحلة الكلاسيكية –البنيوية-. حيث كان الاهتمام بالشكل مهيمنا. وكل ذلك داخل
السرديات الحصرية. وكانت في فرنسا ثم انتقلت إلى أوروبا.
ب. مرحلة التطوير: من التسعينات إلى الآن. ما بعد الكلاسيكية أو السرديات
الجديدة والمتجددة. حيث تم البحث في الدلالة. في اختصاص قابل للانفتاح والتداخل مع
اختصاصات أخرى –السرديات التوسيعية. وهنا انتقلت من أوروبا إلى أمريكا وأستراليا
وحتى إفريقيا –خاصة جنوب إفريقيا-.