الخميس، 14 فبراير 2019

السيمياء المفهوم والأفاق د. عمار شلوي



وردت مادة "السيمياء" في القرآن الكريم ست مرات بمعنى العلامة،  وفي لسان العرب هي "السومة والسيماء والسيمياء: العلامة".
علم السيميولوجيا أو السيمياء من بين العلوم الحديثة وهو ثمرة من ثمار القرن العشرين، .  وأصل الكلمة يوناني وهي مركبة من Semeion  بمعنى علامة،  logos  بمعنى خطاب.
وهو علم يدرس العلامات في كنف الحياة الاجتماعية وهو يزعم لنفسه القدرة على دراسة الإنسان دراسة متكاملة من خلال دراسة العلامة المبتدعة من قبله. حيث يشكل الإنسان مع محيطه نسيجا متداخلا من العلاقات، معتمدا على أنظمة من العلامات حيث النظام الكوني بكل ما يحويه من علامات ورموز هو نظام ذو دلالة.
علما أن وجود الاستطاعة يعني وجود العقل والمعرفة، وليس يوجب وجودهما وجود الاستطاعة. ويتحقق ذلك بأدوات خاصة يعبر بها الإنسان عن إدراكه لذاته وللكون. ومن هنا تولدت الحاجة إلى العلامة كأداة توصيل وتواصل، واصطلحت البشرية على تسميات للوجود وهو ما أكسب العلامات بعدها الثقافي كحقائق خاضعة للمجتمع.
تقسم العلامات إلى:
1.    العلامات اللسانية: ألفاظ وكلمات.
2.     العلامات غير اللسانية: جميع العلامات غير اللسانية.
ولا قيمة ولا معنى للصوت في حد ذاته، وإنما تتحدد دلالته من قيمته في ثقافة ما، حيث يكتسب المعنى عبر القيمة الدلالية المرتبطة بالكلمة.
وهناك جدل حول علاقة اللغة الطبيعية بالأنظمة السيميولوجية، حيث نجد من يرفع قيمة اللغة إلى قمة الأنظمة السيميائية، على أساس أنها النظام السيميولوجي المفسر للأنظمة الاخرى، وهناك من يعدها من بين هذه الانظمة السيميائية من غير تفضيل، وهؤلاء يعتبرون السيميولوجيا أعم من علم اللغة"  مدخل إلى السيميوطيقيا، ص 9
أول باحث قدم مصطلح السميولوجيا هو الفيلسوف جيم لوك (1632_1704) لكن لم يتم تجاوز النظرية العامة للغة وفلسفتها النظرية آنئذ.
وأول من دعا لعلم السيميولجيا هو فرديناند دو سوسير (1857_1914)  حيث نظر له من منظور لساني لغوي وليس فلسفي. حيث أكد أن الإشارة تدخل في علم السيميولوجيا الذي يدرس حياة الإشارة في مجتمع ما.
والسمياء لم تصبح علما إلا بعد جهد الفيلسوف الأمريكي تشارلز سوندر بيرس (1839_1914) الذي وضع نظرية LA Sémiotique  إذ يقول " ليس باستطاعتي أن أدرس كل شيء في الكون إلا على أساس أنه نظام سيميولوجي"
وإذا كان سوسير يركز على الوظيفة الاجتماعية فإن بيرس يركز على الوظيفة المنطقية، غير أن كلا الوظيفتين يتصلان ببعضهما اتصالا وثيقا، ويستخدم الأوروبيون مصطلح سيميولوجيا بينما فضّل الناطقون بالانجليزية مصطلح السيمياء.
اتجهت السمياء في لبقرن العشرين إلى اتجاهين، حاول الاول تحديد ماهية العلامة ومقوماتها ومهد له بيرس، بينما ركز على وظيفة العلامة في الاتصال وكان رائد هذا الاتجاه سوسير.
ترفض السيميولوجيا التشتيت والتصنيف وتسعى للشمولية، وتطمح لتفاعل الحقول المعرفية فيما بينها عن طريق المشترك بينها، وهذا المشترك هو العامل السيميائي، حيث تلغي الانشطار المعرفي وتبقي على الفروق المعرفية.