تجدر الإشارة بداية أن هذه المقالة كُتبت استرشادا واستلهاما وتلخيصا لمؤلف د. يوسف وغليسي الموسوم بـ "مناهج النقد الأدبي"، وما أخذنا من هذا الكتاب واعتمادنا عليه إلا تقديرا منا للمجهود المبذول من طرف المؤلف وعرفانا منا له بأهمية ما أنجز.
الأسلوبية (stylistucs-
stylistique)
هي تطبيق المعرفة الألسنية في دراسة الأسلوب R.P.K
Hartmann. F.C Stork dictionary of language.P223
وقد كانت كلمة
الأسلوب في القرن 14 تدل على كيفية الكتابة ثم أصبحت في القرن 16 تدل على كيفية
التعبير لتمحض الدلالة على "كيفية معالجة موضوع ما" في نطاق الفنون
الجميلة خلال القرن الـ17م. ثم أصبحت أخيرا تدل على كيفية الكابة الخاصة بكاتب ما،
أو جنس ما، أو عهد معين... P.Guiraud.
la stylistique.5 eme éd.PUF. Paris. 1967.P05
كانت بداية
الأسلوبية مع تلميذ دو سوسير الألسني السويسري شارل بالي CHARLE BALLY
(1865-1947)
الذي أسس هذا العلم في كتابه الرائد "مبحث في الأسلوبية الفرنسية" Traité de stylistique française سنة 1990.
وقد تعددت
الأسلوبيات بعد بالي حيث وجدنا ضمن "قاموس اللسانيات" لبريان جيل ثلاث
أسلوبيات هي:
-
أسلوبية اللغة التي يمثلها شارل بالي.
-
أسلوبية مقارنة.
-
أسلوبية أدبية يمثلها جاكبسون وبيار غيرو ...
أما بيار غيرو في
حد ذاته فقد ميز بين أسلوبيتين:
الأسلوبية الوصفية S. Descriptive وهي أسلوبية الآثار وبديل علم الدلالة، تدرس
علاقات الشكل بالفكر، مثلما تدرس الأبنية ووظائفها داخل النظام اللغوي ويمثلها
شارل بالي.
الأسلوبية
التكوينية S. Génétique تتشبه بالنقد الأدبي، وتدرس التعبير في علاقته
بالمتكلم، معتدة بظروف الكتابة ونفسية الكاتب وهي الأسلوبية المثالية لدى ليو
سبيتزر.
أما ج.م. شيفر فقد
ميز بين أسلوبيتين مختلفتين:
-
أسلوبية اللغة التي تقوم على التحليل والجرد
لمجموع السمات المتغيرة المتعلقة بلغة معطاة. فنقول أسلوبية فرنسية أو ألمانية..
ويمثلها بالي وماروزو وكروصو.
-
الأسلوبية الأدبية: وتقوم على تحليل الوسائل
الأسلوبية المحتملة المتعلقة بالممارسات الأدبية مفضلة الأعمال الأدبية في تفردها.
وقد استحالة إلى أسلوبية الإنزياح أو أسلوبية سيكولوجية. وروادها: ليو سبيتزر،
موريس غرامون، هنري موريي.
أما جينجومبر فيتحدث عن:
-
أسلوبية وصفية تبدأ مع بالي إلى كروصو،
غايتها تصنيف وسائل التعبيرة المحشودة لدى
كاتب ما. وتمتد إلى جول ماروزو وليو سبيتزر.
-
أسلوبية بنيوية: تسعى لتحديد المقاييس
اللغوية النوعية الملائمة أسلوبيا، يمثلها ريفاتير.
ويؤكد غريماس أن "علم الدلالة والأسلوبية ليسا إلا
مظهرين لوصف واحد. يحكم على الأسلوبية بأنها لم توفق إلى الانتظام ضمن اختصاص
مستقل. ويقسم غرمياس المقاربات الأسلوبية إلى:
-
الأسلوبية اللسانية: يمثلها بالي.
-
الأسلوبية الأدبية: يمثلها سبيتزر.
وقد تم في الأخير
تذويب الأسلوبية والحاقها بالسيميائية سنة 1965حيث لم يتردد ميشال أريفي وأخرون في
الإعلان عن موتها.
"هكذا إذن
تنشأ الأسلوبية على أنقاض العصر البلاغي المترهل، وترتحل إلى ألمانيا إلى انجلترا
إلى فرنسا لتعمر حوالي ستين عاما... ثم يعلن موتها.
على أن حكم
الإعدام هذا أطلقه رهط من العلماء وهو لحسن الحظ لم يشمل الكل مما يجعله قابلا
للاستئناف، وقد سعى جورج مولينيه لتشريح وضع الأسلوبية فانتهى إلى أنها عايشت ما
عايشته قبلها الفيلولوجيا، عندما وضعتا في سياق اختصاصات أخرى، حيث كانتا بمثابتة
التابع لمتبوع قبلهما.
وبلغة الناصح ذكٍّر
جورج مورينيه الأسلوبية أن "تاريخها إذن هو تاريخ تغيراتها" جورج مورينيه، الأسلوبية، تر: بسام بركة، ط1، المؤسسة الجامعية
للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1999، ص37.
وعليها أن تلتزم
حدودها العلمية، وأن تثق بنفسها، أي أن تستنكف من أن تظل مجرد إجراء علمي مساعد
لمناهج وعلوم أخرى.
وصلت الأسلوبية
للعالم العربي متأخرة زعاء السبعينات بفعل جهود مشتركة لكل من عبد السلام المسدي،
وشكري عياد، وجوزيف ميشال وعدنان بن ذريل...
من جهته د.عبد
السلام المسدي كان قد حذر من مغبة ضياع الهوية الأسلوبية في مغبة معارف محاذية.
الأسلوبية
والأسلوب stylistique et style
كتب د.غراهام هاف
سنة 1969 كتابا بعنوان الأسلوب والأسلوبية، ثم في سنة 1977 كتب د. عبد السلام
المسدي كتابا بنفس العنوان.
-
الأسلوبية: عند غريماس مجال البحوث ينضوي تحت
تقاليد البلاغة" Greimas et Courtès.Sémiotique. p366
في حين عرفها جون ديبوا بأنها الدراسة العلمية للأسلوب في الأعمال
الأدبية" Dictionnaire de linguistique. P458
-
الأسلوب: ووصعه جورج مولينيه بأنه "طريقة متميزة
وفريدة، وخاصة بكاتب معين" جورج مولينيه، الأسلوبية،
ص 66
-
عرفه جون ديبوا بأنه سمة الأصالة الفردية
للذات الفاعلة في الخطاب " Dictionnaire
de linguistique. P456
والأسلوبية في بعض التنظيرات الغربية بلاغة حديثة تحت
شكلها المزدوج: علم للتعبير ونقد للأساليب الفردية وهي الوريث المباشر للبلاغة.
بينما وصفها المسدي بأنها امتداد للبلاغة ونفي لها في نفس الوقت. عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب، ص 52 وهما يفترقان عند جملة من النقاط: حيث البلاغة
علم معياري تعليمي يعتمد فصل الشكل عن المضمون في الخطاب، بينما الأسلوبية علم
وصفي تعليلي يرفض الفصل بين دال الخطاب ومدلوله. عبد
السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب، ص 53
وقد شكك بعض الدارسين في "علمية" الأسلوبية
واكتفوا بوصفها مجالا للبحث أو دراسة...
قسم عدنان بن ذريل الأسلوبية إلى ثلاثة اتجاهات هي:
أسلوبية التعبير وعنيت بالتعبير اللغوي. والأسلوبية التكوينية وعنيت بظروف الكتابة
وأسلوبية بنيوية وعنيت بالنص الأدبي وجهازه اللغوي.
في حين قسمها عبد المالك مرتاض إلى صنفين هما الأسلوبية
التاريخية التي تجيب عن سؤال: لماذا الكاتب وأسلوبية وصفية تجيب عن سؤال كيف يكتب
الكاتب.