الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018

المنهج النفساني

تجدر الإشارة بداية أن هذه المقالة كُتبت استرشادا واستلهاما وتلخيصا لمؤلف د. يوسف وغليسي الموسوم بـ "مناهج النقد الأدبي"، وما أخذنا من هذا الكتاب واعتمادنا عليه إلا تقديرا منا للمجهود المبذول من طرف المؤلف وعرفانا منا له بأهمية ما أنجز.
المنهج النفساني
يعتمد المنهج النفسي على نظرية "سيغموند فرويد s.freud الذي خُلاصته أن للكائن البشري رغبات مكبوتة بحث عن الإشباع، وعندما لا يستطيع ذلك فإنه يلجآ إلى حلول أخرى كالأحلام وأحلام اليقظة والأعمال الفنية التي يُبدعها الكاتب تنفيسا منه عن رغبات كامنة في داخله لم يستطع تحقيقها،  والتي قد تكون رغبات جنسية –حسب فرويد- أو أفكار موروثة من اللاشعور الجمعي –حسب يونغ-
ويُمكن إجمال مبادئ المنهج النفساني فيما يلي:
-         ربط النص بلا شعور صاحبه.
-         افتراض وجود بنية نفسية في لاوعي المبدع تنعكس على سطح النص.
-         الشخصيات الورقية شخصيات حقيقية (بدوافع ورغبات...)
-         صاحب النص شخض عصابي، ونصه عرض عصابي، يتسامى في شكل رمزي مقبول اجتماعيا.

وقد فصل الناقد الفرنسي شارل مورون النقد الأدبي عن علم النفس، واقترح منهجا يستعين بالتحليل النفسي لدراسة النصوص ولا يجعله غايته.
ويمكن تقسيم مجالات الدراسات الأدبية النفسية إلى:
1.    سيكولوجية الإبداع: أي دراسة عملية الإبداع في ذاتها (عناصرها وطقوسها...)، والدكتور مصطفى سويف رائد هذا الاتجاه بكتابه "الأسس النفسية للإبداع الفني في الشعر خاصة".
2.    سيكولوجية المبدع: أي دراسة شخصية كاتب النص، حيث يتم التنقيب في داخل النص عن نفسية صاحبه. ومن رواد هذا المنهج نجد عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني، ومحمد النويهي.
3.    سيكولوجية التلقي: أي دراسة العلاقة النفسية بين العمل الإبداعي والمتقي.
4.    التحليل النفسي للأدب: ونعني به دراسة العمل الأدبي من زاوية نفسية، وهو مجال الممارسة النقدية النفسانية، ومن رواد هذا المنهج: أمين خولي ومحمد خلف الله أحمد ويوسف سامي اليوسف وجورج طرابلسي...
وفي سنة 1938 أوكلت كلية الآداب في القاهرة لأحمد أمين ومحمد خلف الله مهمة تدريس مقياس " صلة علم النفس بالأدب".
أ‌.       أنصار المنهج النفساني:
وعلى رأس أنصار هذا المنهج نجد العقاد الذي مارس النقد النفساني، وأزره نظريا في مقالة "النقد السيكولوجي- 1961- ووصفه في كتابه "يوميات" بأنه ''الأحق بالتفضيل، في رأيي وذوقي معا" ص 10.
ومن جهته جورج طرابيشي مارس يقول منتصرا للمنهج النفساني "... لم أشعر أن هناك منهج قادر على الدخول إلى قلب العمل الأدبي وإعطائه أبعادًا، وأن يكشف عن أبعاد خفية أو فلنقل تحتية، كمنهج التحليل النفسي." محاورة مع جورج طرابيشي، ضمن: أسئلة النقد، لجهاد فاضل، الدار العربية للكتاب، د.ت، ص 94. المرجع نفسه ص 26.
ب‌.  خصوم المنهج النفساني
نجد محمد مندور في الطليعة، حيث دعا لفصل الأدب عن العلوم الأخرى بما فيها علم النفس، بل وتنحية العلم ككل عن الأدب ونقده، لأن "الأدب لا يمكن أن نُجدده ... إلا بعناصره الداخلية، عناصره الأدبية البحتة." محمد مندور، في الميزان الجديد، دار نهضة مصر، الفجالة-القاهرة، د.ت، ص 171.
من جهته انتقد محي الدين صبحي المنهج النفساني من كونه يخلط "بين (الشخصية الشعرية) و( شخصية الشاعر) دون الانتباه إلى أن الشخصية الأدبية افتراضية، وعليه فإن الخلط بين (أنا الشاعر) و(أنا الشخص التاريخي) خطأ فادح، ومن هنا يسقط المنهج النفسي بأكمله".
ويُعتبر د. محمد مرتاض من ألد أعداء القراءة النفسانية التي وصفها بـ: المريضة المتسلطة، وانتقد أسس النظرية النفسية التي تجعل من الأديب مريض –حتما- والنص المبدَع نص مرض حتما، وفي هذا يقول ''فكأن هذا التيار لا يبحث إلا عن الأمراض، فإن لم تكن توهمها توهما... لكي يبلغ غايته التي تتجسد في التماس الأعراض والأمراض ما ظهر منها وما بطن، والتي يجب أن تُقارف الأديب وتُلازمه ولا تُزايله، فكل أديب مريض، وإذن فكل أدب نتيجة لذلك المرض أيضا" مجلة تجليات الحداثة، جامعة وهران، عدد 4، 1996، ص 18-19.
عيوب التطبيقات النفسانية:
-         الاهتمام بصاحب النص على حساب النص ذاته.
-         الربط بين النص ونفسية صاحبه، مع الاهتمام المبالغ فيه باللاوعي.
-         المساواة بين النصوص الرديئة والجيدة.
-         الإفراط في التفسير الجنسي للرموز الفنية.
-         التعسف في فرض التأويلات النفسية على النصوص.
-         الاهتمام بالمضمون النفسي للنص (السلوكات والعقد) على حساب الشكل الفني. وفرويد نفسه يعترف بأنه "ليس للتحليل النفسي ما يقوله عن أدبية الأدب، لأن الكشف عن التقنية ليس من اهتماماته ولا من اختصاصه." نقلا عن خريستو نجم، في النقد الأدبي والتحليل النفسي، دار الجيل، بيروت، 1991، ص34.
















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق