تجدر الإشارة بداية أن هذه المقالة كُتبت استرشادا واستلهاما وتلخيصا لمؤلف د. يوسف وغليسي الموسوم بـ "مناهج النقد الأدبي"، وما أخذنا من هذا الكتاب واعتمادنا عليه إلا تقديرا منا للمجهود المبذول من طرف المؤلف وعرفانا منا له بأهمية ما أنجز.
المنهج التكاملي
هو منهج لا يتقيد بمنهج معين، بل يستعين بعدة مناهج حسب
ما يقتضيه الطابع التركيبي المعقد للنص الأدبي.
قد يكون ستانلي هايمن رائد هذا المنهج في كتابه
"الرؤية المسلحة" الذي كتبه سنة 1947. إلا أن الدعوة العربية لهكذا منهج
تزامنت مع ظهور الكتاب الذي تأخرت ترجمته لمنتصف القرن العشرين. حيث بدأت الدعوة
العربية للمنهج التكاملي سنة 1948 على يد سيد قطب وشكري فيصل، حيث قسم سيد قطب
المناهج إلى ( فني وتاريخي ونفسي) وبتجميع هذه المناهج نُحصل على المنهج المتكامل
حيث يصفه قطب بأنه "يتناول العمل الأدبي من جميع زواياه ويتناول صاحبه كذلك،
إلى جانب تناوله للبيئة والتاريخ، وأنه لا يغفل القيم الفنية الخالصة" سيد قطب، النقد الأدبي وأصوله ومناهجه، دار الشروق،
القاهرة-بيروت، د.ت، ص 114.
وفي الصنة ذاتها كتب شكري فيصل رسالة ماجستير صارت كتابا
فيما بعد بعنوان "مناهج الدراسة الأدبية في الأدب العربي" خلص فيها إلى
منهج جديد سماه المنهج التركيبي، ثم تلاه بعد ذلك د. شوقي ضيف، ود. محمد الصادق
عفيفي وغيرهم.
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا المنهج رغم محاسنه قد وقع
في الخلط، حتى صار جُماعا لمناهج ومعلومات مخلوطة دونما ضابط، حسب الربعي بن سلامة، الوجيز في مناهج البحث الأدبي، منشورات جامعة
قسنطينة، 2001، ص67. ودعا إلى أن " يتكئ الناقد على منهج محدد يجعل
منه نقطة ارتكاز، ينطلق منه للاستفادة من بقية المناهج، بحسب حاجته إلى كل منها في
الوقت والمكان المناسبين، على أن يعود إليه بعد تحصيل الفائدة المرجوة، وبذلك
فقط يكتسب البحث ثراءه دون أن يفقد
نظامه."
وهو الاتجاه الذي
انتهجه حسام الخطيب وأحمد هيكل والناقد اللبناني سامي سويدان، وهو ما ذهب إليه د.
عبد الرحمان محمد القعود الذي حرص على اتساق العناصر المنهجية المُركَب بينها، ومن
جهته د. نعيم اليافعي أكد على ضرورة التفريق بين عملية التركيب وعملية التلفيق،
حيث أن هذه الأخيرة تقوم على جمع المتناقضات وخلطها بغاية الإبقاء على ما كان كما
كان، أما التركيب فهو عملية فيزيائية نوعية معقدة تقوم على الصهر والتذويب بنسب
متفاوتة وصولا إلى ناتج جديد متسق مع المكونات الأولية. وقد حصر د. اليافعي مقومات
المنهج التكاملي في خمسة أسس هي:
-
الموسوعية: أي التسلح بالثقافة النقدية
والمعرفية العريضة، حتى يتمكن الناقد من الإلمام بالظاهرة الأدبية المراد دراستها.
-
الانفتاح: أي انفتاح الناقد ذهنيا ونفسيا،
وخروجه من شرنقة الذات لمصافحة الآخر ومحاورته، كيفما كان امتداد هذا الآخر في
الزمان والمكان.
-
الانتقائية: وهي من عواقب الموسوعية، بخلاف
الأحادية الضيقة التي تلزمك بالانقياد إليها لأنك لا تملك خيارا آخر.
-
التركيب: أي بناء مجموعة من العناصر المنتقاة
وفق خطة تصورية مرسومة تشدد على طبيعة العناصر المركبة، وطريقة التركيب والغاية
التي تستهدفها العملية التركيبية.
-
النص الإبداعي وخصوصيته التي تقتضي
"المنهج المناسب للمتن المناسب." نعيم اليافعي،
في النقد التكاملي، مجلة البيان، الكويت، عدد 306، جانفي 1996، ص 9-10.
ومن الكتب التي احتفت بهذا المنهج كتاب النقد الأدبي
الحديث للدكتور أحمد كمال زكي وكتاب "في النقد الأدبي" د.عبد العزيز
عتيق، وكذا كتاب "النقد الأدبي الحديث" للدكتور العربي حسن درويش وكتاب
"اتجاهات النقد المعاصر" للأستاذ شايف عكاشة، وكتاب النقد الأدبي
الحديث" للدكتور صالح هويدي وكتاب " الوجيز في مناهج البحث الأدبي"
للدكتور الربعي بن سلامة، وكتاب النقد الجزائري المعاصر من اللانسونية إلى
الألسنية" لد. يوسف وغليسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق