تجدر الإشارة بداية أن هذه المقالة كُتبت استرشادا واستلهاما وتلخيصا لمؤلف د. يوسف وغليسي الموسوم بـ "مناهج النقد الأدبي"، وما أخذنا من هذا الكتاب واعتمادنا عليه إلا تقديرا منا للمجهود المبذول من طرف المؤلف وعرفانا منا له بأهمية ما أنجز.
مدرسة النقد الجديد
سنة 1941 كتب جون
كرو رانسوم كتابه الموسوم بـ"النقد الجديد new
criticism "
الذي يعتبر الإعلان الرسمي عن ميلاد منهج النقد الجديد في نسخته الأنجلوأمريكية،
الذي ترجمه لاحقا محمد غنيمي وأخرون بـ"النقد الحديث" أو "مدرسة
النقد الحديثة".
ومما تجدر الإشارة
إليه أن الفرنسي رولان بارت بدوره كتب خلال 1963 كتاب بعنوان "تاريخ أم أدب-
حول راسين" الذي نظر فيه لنقد جديد لكنه فرنسي هذه المرة، وقد رد ريمون بيكارR.
Picard
على مؤلف بارت بمؤلف آخر سنة 1965 عنونه بـ"نقد جديد أم خدعة جديدة".
لقد أصبح
"النقد الجديد" في نسخته الفرنسية فيما بعد يدل على المناهج النسقية
التي تهتم لمضمون النص كالبنيوية والسيميائية...
ليُفرقوا بين
النقد الجديد في نسخته الأنجلوساكسونية أضاف الباحثون الفرنسيون أداة التعريف le،
فصار لدينا: le new criticism ، أما النقد الجديد الفرنسي النشأة فقد سُمي: la
nouvelle critique.
النقد الجديد
الأنجلوأمريكي كان ردا على الاتجاهات الذاتية والتاريخية، ومُستَلهما من أفكار
المدرسة التصويرية لإزرا باوند، وأفكار الناقد والشاعر ت.س.إليوت خاصة في جزئية
"المعادل الموضوعي" -أي أن يوجد الكاتب لمشاعره المجردة مكافئا واقعيا
محسوسا، على أن لا يُسرف الشاعر في المشاعر درءًا للغموض، ولا العكس درءًا للإسراف
الشعوري. وخير الأمور أوسطها.- وكذا كتاب "مبادئ النقد الأدبي" وكتاب
"العلم والشعر" وكتاب "النقد العملي" لـ أ.ريتشاردز.
ويمكن أن نجمل
الخصائص المنهجية للنقد الجديد في:
-
دراسة النص الأدبي بعد اقتلاعه من محيطه
السياقي. فمن النص الانطلاق وإليه الوصول. دون اعتبار للمغالطة القصدية أي قصدية
الكاتب، ولا المغالطة التأثيرية التأثر العاطفي للمتلقي.
-
القراءة التحليلية وسيلة تحليل مركزية في
الدراسات النصية. حيث يتم تقصي معجم النص وتراكيبه اللغوية والبلاغية...
-
الاهتمام بالطبيعة العضوية للنص الأدبي، حيث
النص متجانس المكونات الداخلية وهو بنية كلية يستحيل فصل شكلها عن مضمونها. حيث
تبنى النقاد الجدد شعار أرشيبالد مكليش "القصيدة توجد ولا تعني" وهذا
الوجود يتحقق حسبهم إثر تزاوج الشكل والمضمون.
-
الاهتمام بالتحليل العلمي للنص دون التقويم
المعياري.
-
نبذ الالتزام ورفض رسالية الأدب " أي أن
الأدب وسيلة اجتماعية، دينية، سياسية...
لقد لمع نجم النقد الجديد بعد الحرب العالمية الثانية،
ثم أفل واندثر وقدد اعتبر كريس بولديك سنة 1957 بيوم حساب هذا المنهج. وذلك لضيق
أفقه وتجاهله للسياق التاريخي والعوامل الخارجية، وعدم اهتمامه لا بالمؤلف ولا
بالقارئ. نفس المرجع، ص57.
انتقل النقد الجديد للعرب مع بداية الستينات، على يد د.
رشاد رشدي ''أول دكتور مصري في الأدب الانجليزي" الذي كتب كتبا عديدة في
النقد الجديد وسعى لتأسيس جمعية للنقاد تتبنى قواعد هذا المنهج، وقد آزره بضع من
طلابه كمحمد عناني وسمير سرحان. بالإضافة إلى د. محمود الربيعي والناقدة اللبنانية
روز غريب...
وملخص ما قام عليه النقد الجديد عند العرب:
-
النص الأدبي ليس نسخة من الواقع، ولكنه معادل
فني له.
-
دراسة الأثر الأدبي في ذاته مستقلا عن محيطه
السياقي. بعيدا عن الأديب وتفاصيل عيشه والمتلقي وكيفية تلقيه للنص.
-
النص كيان فني يقتضي دراسة لغوية جمالية.
-
النظر إلى النص الأدبي كصورة عضوية متكاملة،
موحدة الشكل والمضمون.
-
الدعوة للتحليل ونبذ التقييم وما ينجر عنه من
أحكام دون حيثيات. نفس المرجع، ص62.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق